ميراث جدّي

ميراث جدّي

ميراث جدّي :
سألت والدي مرة عن ميراث جدي …
فتبسم ضاحكا وأجاب :
أرضٌ شجرية في جنبات القرية …
بيت حجري مكون من حجرة واحدة يشترك في جدرانه مع ابناء عمومتي
ومع بيوتٍ أخرى للجيران …
فهو جزء من بيت العائلة …
وحوش كبير و توتة وسط الدار وطابون …
محراث وفأسٌ وسلة أغراض …
في السلة توجد أوراق ، وُضعت في صرة
فتوقعت أنها كواشين الأرض …
قدر للطبخ وجرة فخار …
خابية صنعت من طين بها قمح
وخابية أخرى بها طحين …
إبريق وضوء نحاسي منقوش بأحرف تركية …
انية للشرب … ومطرقة لها رأسان … وسندان …
دولاب خشبي ذو ثلاث ظُرف …
في الأولى وضعت عمائم وسراويل
في الثانية وضعت بقايا أثواب
وفي الثالثة مسابح وعكاز وبقايا أغراض …
ثم سألته عن غطرته الرقطاء
قال: لم يكن يألفها
كانت له عمامة وعصبة
كان عند جدي صندوقٌ ذو قفل هو مهر جدتي !!
لم يكن جدي ثريا …
له من الأبناء ثلاثة لم يستطع إرسالهم الى المدارس ، فأرسلهم الى الكتَاب ليتعلموا فاتحة الكتاب …
كان فلاحاً يعشق أرضه
يحرثها ويزرعها ويسقي الحرث …
لم يترك إرثا غير الأرض
لا درهم ولا دينار …
كان يحب عناقيد العنب
ويعشق خبز الطابون …
علًم أولاده فن الحرث وفن ركوب الخيل …
هذا كل ما لديك يا والدي ؟؟
طأطأ رأسه نحو الأرض عله يتذكر أشياءً أخرى …
بل يوجد أشياء وأشياء …
نسيت وصيته !!!
وهل كان لجدي وصية ؟؟
قال:بلى
حسبي منها بعض الكلمات :
لا ترحل عن بيتك
لا تبع شبرا من أرضك
لاتمد يدك الى أحد
ابنِ مسجدا في كل دار ..
دققت فيما قاله الجد
وقلت لوالدي :
لقد فرطت في وصية والدك ورحلت عن بيتك ولكنك لم تبع شبرا من أرضك …
قال رحلت عنها قسراً وقت الحرب
“وإن مع العسر يسرا”
مات والدي والغصة في حلقه …
لم يستطع الرجوع
ولم يستطع تحقيق وصية والده
عذراً يا جدي …
لا أدري من سيفي ببنود وصيتك !!
لكني أحفظ ما قاله والدي عن ميراثك وكفى !!

بقلمي
محمد عبد الجليل ذيب

 

اقرأ أيضًا: على الرصيف