مليحة أفنان أيقونة الفن الفلسطيني المعاصر

مليحة أفنان أيقونة الفن الفلسطيني المعاصر

تُعد مليحة أفنان من أبرز الفنانات الفلسطينيات اللواتي تركن بصمة مميزة في عالم الفن التشكيلي المعاصر، حيث جسّدت عبر أعمالها رؤية إنسانية عميقة تجمع بين التراث الفلسطيني والبعد العالمي. وُلدت أفنان في مدينة حيفا عام 1935، ونشأت في أسرة فلسطينية مسلمة تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للمدينة الساحلية آنذاك.

منذ صغرها، برز شغفها بالفنون والرسم، وهو ما دفعها لمتابعة دراستها في مجال الفنون الجميلة. انتقلت لاحقًا إلى بيروت لمواصلة تعليمها، قبل أن تشق طريقها نحو العالمية عبر الدراسة والعمل في أوروبا والولايات المتحدة، لتصبح إحدى الأسماء اللامعة في المشهد الفني الحديث.

 

مليحة أفنان أيقونة الفن الفلسطيني المعاصر
مليحة أفنان أيقونة الفن الفلسطيني المعاصر

 

مسيرتها الفنية

تميّزت أعمال مليحة أفنان بأسلوب بصري فريد يجمع بين التجريد والرمزية، حيث اعتمدت على استخدام الخطوط، الحروف، والكتابات القديمة لتكوين لوحات تحمل طابعًا روحانيًا وفلسفيًا. كانت تستلهم من الخط العربي ومن الزخارف الشرقية، لتمنح لوحاتها طابعًا خاصًا يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.

قدمت أفنان أعمالها في معارض فردية وجماعية في عدد من العواصم الكبرى مثل لندن، باريس، ونيويورك، حيث لاقت إعجاب النقاد والمهتمين بالفن. وصفها الكثيرون بأنها فنانة استطاعت تحويل الحروف والرموز إلى لغة بصرية تعبّر عن الذاكرة والمنفى والهوية.

 

فلسفة أعمالها

ركزت مليحة أفنان على موضوعات مرتبطة بالهوية الفلسطينية، والاغتراب، وفقدان المكان، وهو ما يعكس تجربتها الشخصية وتجربة جيلها الذي عاش التهجير. كانت ترى أن الفن وسيلة لحفظ الذاكرة الجمعية وإعادة بناء الجسور بين الماضي والحاضر.

استخدمت الألوان الترابية الداكنة، وفضّلت الخامات التي تمنح إحساسًا بالقدم والأثر، لتعكس عمق تجربتها الإنسانية. أعمالها حملت دائمًا مزيجًا من الحزن والجمال، ومن الغربة والانتماء، لتصبح بمثابة رسائل صامتة تعبّر عن وجدان الإنسان الفلسطيني.

 

إنجازاتها وإرثها

حظيت مليحة أفنان بتقدير عالمي واسع، وأدرجت أعمالها في مقتنيات متاحف مرموقة مثل متحف الفن الحديث في نيويورك (MoMA)، والمتحف البريطاني، إضافة إلى مجموعات خاصة حول العالم.

تُوفّيت في لندن عام 2016، تاركة إرثًا فنيًا غنيًا لا يقتصر على جماليات اللوحة، بل يمتد إلى رسالتها الإنسانية العميقة. يُنظر إليها اليوم كإحدى الشخصيات الرائدة التي أعطت للفن الفلسطيني والعربي مكانة مرموقة على الساحة العالمية، ومثّلت جسرًا بين الشرق والغرب من خلال إبداعها.

 

إن الحديث عن مليحة أفنان ليس مجرد استعراض لمسيرة فنانة تشكيلية، بل هو توثيق لقصة امرأة فلسطينية حملت في فنها هموم الهوية والمنفى، وحوّلت التجربة الشخصية إلى خطاب عالمي. أعمالها تظل حاضرة لتذكّر الأجيال بقوة الفن في التعبير عن القضايا الإنسانية الكبرى، وتجعل اسمها خالداً في ذاكرة الفن المعاصر.