ليلة القدر .. ما هي وما فضلها وكيفية الاستعداد لها

ليلة القدر .. ما هي وما فضلها وكيفية الاستعداد لها

ليلة القدر… سرّ من السماء

في أعماق ليالي رمضان، هناك ليلة ليست كأي ليلة… ليلة خُصّت بالبركة، وغمرها النور، وعلت فيها الملائكة، وسُطّر فيها قدر العام. إنها ليلة القدر، درّة رمضان، وروح قيامه، وتاج لياليه.

قال تعالى:

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾
﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾
[سورة القدر]

يكفي أن نعلم أن فضلها يعادل عبادة أكثر من 83 سنة، لندرك أن هذه الليلة ليست مجرد تاريخ ننتظره، بل فرصة سماوية نادرة، تهبّ على القلوب فتجددها، وتغسل الأرواح من عناء الدنيا، وتفتح أبواب الرحمة والمغفرة والقبول.

 

ما هي ليلة القدر؟

ليلة القدر هي ليلة من ليالي العشر الأواخر من رمضان، يُرجى أن تكون في الليالي الوترية منها (21، 23، 25، 27، أو 29).

وقد أخفى الله توقيتها تحديدًا؛ ليجتهد المؤمن في جميع العشر، طمعًا في إدراكها.

وفيها نزل القرآن الكريم، وبدأ بها النور الإلهي يتنزّل على الأرض، ليبدّد ظلام الجهل ويهدي الناس إلى طريق الرحمة.

 

ليلة القدر .. ما هي وما فضلها وكيفية الاستعداد لها
ليلة القدر .. ما هي وما فضلها وكيفية الاستعداد لها

 

ما الذي يحدث في ليلة القدر؟

قال تعالى:

﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾
[القدر: 4]

في هذه الليلة، تنزل الملائكة إلى الأرض بكثرة، في مشهد سماوي يعجز عن وصفه الخيال.

ويكون معهم جبريل عليه السلام، الروح الأمين، في ليلة تتنزل فيها الأقدار، وتُكتب فيها مصائر العباد للعام القادم.

ويختم الله السورة بقوله:

﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾

أي أن هذه الليلة مليئة بالسكينة، والرحمة، والطمأنينة، حتى طلوع الفجر.

 

فضلها في السنة النبوية

قال النبي ﷺ:

“من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.”
[رواه البخاري ومسلم]

وهذا يدل على أن قيامها بالصلاة والدعاء والذكر وقراءة القرآن، مع الإخلاص وصدق النية، سببٌ لمغفرة الذنوب مهما عظُمت.

وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها قد سألت النبي ﷺ:

“يا رسول الله، أرأيت إن علمتُ أيّ ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟”
قال:
“قولي: اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عني”

 

كيف نستعد لليلة القدر؟

الإخلاص في النية: اجعل همّك رضا الله لا شيء سواه.

قيام الليل: بالصلاة والقيام والدعاء والتضرع.

الإكثار من الذكر: وخاصة دعاء “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني”.

قراءة القرآن: فهو نور الليلة، وهو سبب نزولها.

الصدقة: اجعل فيها صدقة خفية بينك وبين الله.

تصفية القلب: سامح من أساء إليك، وأقبل على الله بقلب سليم.

 

ليلة القدر… ليست فقط ليلة عظيمة، بل فرصة لتغيير المصير

ليست ليلة القدر فقط لمن يريد الأجر، بل هي لمن يريد بداية جديدة، من كان يثقّل كاهله الذنب، أو تشوّشت روحه، أو تاه قلبه… فهذه ليلته.

فيها القبول، والعفو، والمغفرة، والتبديل، والفتح من الله لمن أقبل عليه بصدق.

اجعلها ليلتك… لا تمرّ عليك كسائر الليالي.

 

اقرأ أيضاً: صلاة التهجد هي لذّة المناجاة ورفعة المقام