عندما نتحدث عن ريادة الأعمال في المملكة، فإن اسم لؤي نسيم – المصمم ورجل الأعمال – الذي لم يكتف بالنجاح الشخصي، بل سعى لتغيير صورة الأزياء الرجالية السعودية، وإعادة تعريف الثوب بشكل عصري يناسب تطلعات الجيل الجديد.
فلم تكن مسيرة لؤي نسيم تقليدية، بل حملتفي طياتها الكثير من التحديات التي حولها إلى فرص، حتى أصبح أحد أبرز الأسماء في المملكة في عالم الموضة وريادة الأعمال، ومثالًا يحتذي به في الإصرار والإبداع.
بدايته ونشأته
وُلد لؤي نسيم في مدينة جدة عام 1969م، ونشأ في كنف أسرة ميسورة الحال وفرت له بيئة مستقرة تساعد على تنمية مواهبه.
منذ صغره، كان مولعاً بالرسم والفن، وهو الشغف الذي شكّل هويته وساهم لاحقاً في اختياره لمجاله المهني.
ورغم أن حلمه الأول كان دراسة الهندسة المعمارية، إلا أن المعدل لم يؤهله، فبدأ بدراسة إدارة الأعمال في جامعة الملك عبد العزيز، لكنه سرعان ما أدرك أن هذا المجال لا يعكس طموحه ولا يلبي ميوله الفنية.
هنا اتخذ قراره المصيري بالانتقال إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته في معهد الفنون بمدينة هيوستن، حيث تخرج عام 1995م في تخصص تصميم الجرافيك.
هذه الخطوة كانت نقطة التحول الكبرى التي مهدت لانطلاقته الإبداعية.

دراسته
التحاقه بمعهد الفنون في هيوستن لم يكن مجرد دراسة أكاديمية، بل كان تجربة حياة صقلت شخصيته وطموحه.
هناك، تعرّف على مدارس فنية مختلفة، واطلع على أحدث أساليب التصميم والتفكير الإبداعي، وهو ما مكنه من بناء قاعدة معرفية عميقة ساعدته لاحقاً على الدمج بين الفن والإدارة.
هذا المزيج بين الخلفية العلمية والموهبة الفطرية جعل منه مصمماً قادراً على رؤية التفاصيل بعيون مختلفة، وأتاح له التميز في كل مشروع خاضه.
سيرته الذاتية ومسيرته المهنية
بعد عودته إلى الممكلة، بدأ لؤي مسيرته المهنية في عالم الإعلان، حيث عمل مديراً فنياً في شركة ليوبرنت العالمية، ثم انتقل إلى شركة ثري بوينتس كمدير إبداعي.
ففي هذه الفترة، اكتسب خبرة واسعة في مجالات الإدارة الفنية والتسويق وصناعة الهوية البصرية، وهي خبرة ستصبح لاحقاً أحد أهم ركائز نجاحه.
لكن طموح لؤي كان يتجاوز حدود الإعلان، فقد حمل في داخله رغبة قوية في إحداث تغيير ملموس في المجتمع السعودي من خلال الأزياء.
عام 2002 ولدت فكرة تجديد الثوب السعودي وتقديمه بحلّة أكثر عصرية، وبعد ثلاث سنوات من التفكير والتخطيط، أطلق مشروعه الخاص لومار،
الذي بدأ بمحاولة متواضعة لكنه سرعان ما تحول إلى علامة فارقة في سوق الأزياء الرجالية.

إنجازاته
لا يمكن حصر إنجازات لؤي نسيم في عناوين أو جوائز فقط، فهي رحلة ممتدة تحمل في طياتها الكثير من التغيير والإبداع والتأثير.
فمنذ أن أسس لومار عام 2005، أحدث نقلة نوعية في عالم الأزياء السعودية، حيث لم يقدم مجرد ثياب تقليدية، بل أطلق مفهوماً جديداً تماماً يتمثل في “إعادة تعريف الثوب السعودي”.
هذه الرؤية المبتكرة جعلت من لومار علامة تجارية رائدة استطاعت أن تمزج بين الأصالة والتراث من جهة، والحداثة والعملية من جهة أخرى،
وهو ما جعلها تحظى بإعجاب شريحة واسعة من المجتمع السعودي والخليجي على حد سواء.
حيث أن نجاح لومار لم يكن مجرد نجاح محلي، بل تجاوز حدود المملكة، حيث أصبحت العلامة معروفة على نطاق أوسع، وفتحت آفاقاً جديدة للأزياء السعودية في الأسواق الإقليمية.
وبجانب النجاحات التجارية، حصد لؤي نسيم العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس مكانته البارزة.
فقد اختارته منظمة إنديفور الأمريكية كـ “رائد الأعمال الأكثر تأثيراً في السعودية لعام 2012″، وهو تقدير يعكس حجم أثره على المجتمع الريادي المحلي.
كما نال جائزة رائد أعمال عكاظ من سوق عكاظ، وهو إنجاز يؤكد اعتراف المؤسسات الثقافية والتجارية في المملكة بجهوده.
وفي عام 2015، وضعت مجلة فوربس الأمريكية اسمه في المركز الثاني ضمن قائمة أكثر رواد الأعمال إبداعاً في السعودية،
وهو تصنيف عالمي منح لؤي مكانة خاصة بين أبرز الشخصيات المؤثرة في الشرق الأوسط.
لكن إنجازاته لم تقف عند الجوائز أو الألقاب، فقد كان لؤي واحداً من القلائل الذين استطاعوا إعادة تشكيل عقلية المستهلك السعودي تجاه الأزياء،
وجعلوا من الثوب التقليدي قطعة فاخرة يمكن أن تُرتدى في مختلف المناسبات الرسمية واليومية، بل وتنافس الماركات العالمية في الجودة والأناقة.
هذه النقلة أسهمت في تعزيز الصناعة المحلية للأزياء، وألهمت جيلاً جديداً من المصممين السعوديين لدخول هذا المجال بثقة وشغف.
كما امتدت إنجازات لؤي إلى مجال الإعلان والإبداع البصري، حيث أسهم في تأسيس شركات مثل ثري بوينتس وليوبرنت السعودية،
مقدماً حلولاً إبداعية ساعدت على تطوير صناعة التسويق والإعلانات في المملكة.
وقد منحته خبرته الطويلة في هذا المجال قدرة على الدمج بين عالم التصميم والإدارة، ليصبح شخصية جامعة بين الفن والاقتصاد، وبين الإبداع والابتكار.
ومن بين إنجازاته الأدبية، برزت روايته “من باب التغيير“ التي جسدت سيرته الفكرية ومشواره مع التحديات، مقدمة للقارئ تجربة إنسانية ثرية تمزج بين قصص النجاح والإخفاق، وبين الحلم والواقع.
فلم تكن هذه الرواية مجرد عمل أدبي، بل كانت بمثابة رسالة تحفيزية تعكس فلسفته القائمة على أن كل باب مغلق يمكن أن يقود إلى فرصة جديدة، إذا امتلك الإنسان الجرأة على البحث عن مفتاحه.

حياته الشخصية
بعيداً عن الأضواء، يعيش لؤي نسيم حياة متوازنة يولي فيها أهمية كبيرة لأسرته وجذوره.
شخصيته تعكس مزيجاً فريداً من الأصالة السعودية والانفتاح على العالم، فهو متمسك بتقاليده لكنه في الوقت ذاته يحرص على تبني كل ما هو جديد ومبتكر.
وقد انعكس هذا التوازن بوضوح في تصاميمه التي تجمع بين روح التراث السعودي ونبض الحداثة العالمية.
ثروته
بفضل نجاحاته المتعددة، استطاع لؤي نسيم أن يبني ثروة معتبرة جعلته في مصاف رجال الأعمال البارزين في المملكة.
ورغم أن الأرقام الدقيقة لثروته ليست معلنة بشكل رسمي، إلا أن النجاح التجاري الكبير الذي حققته سلسلة لومار وانتشارها داخل المملكة وخارجها،
إلى جانب مساهماته في شركات الإعلان والتسويق، تشير إلى أنه تمكن من بناء قاعدة مالية قوية، تعكس حجم عطائه وريادته في مجاله.
اقرأ أيضًا: طارق العقاد المدير التنفيذي لشركة العقاد للاستثمار