مع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، لم يعد التحدي الأكبر أمام الشركات الخليجية مرتبطًا بالتقنية ذاتها، بل بالخوف المؤسسي الذي يسيطر على العديد من مجالس الإدارات.
فكثير من المشاريع التجريبية التي تُعرض داخل قاعات الاجتماعات لا تواجه رفضًا بسبب ضعف التكنولوجيا، بل بسبب التساؤلات المستمرة حول المخاطر المحتملة، والمتطلبات التنظيمية، والمسؤوليات القانونية التي قد تترتب على استخدامها.
إن المشكلة الحقيقية تكمن في ثقافة الحذر الزائد التي قد تؤخر الشركات عن الاستفادة من الإمكانات الضخمة للذكاء الاصطناعي، سواء في رفع الإنتاجية أو تحسين الكفاءة أو خلق فرص استثمارية جديدة.
وبينما يتردد البعض في المضي قدمًا، تسعى دول مثل المملكة العربية السعودية إلى جعل الذكاء الاصطناعي محورًا رئيسيًا في خططها المستقبلية، خاصة ضمن رؤية السعودية 2030 التي وضعت التحول الرقمي في صميم استراتيجياتها التنموية.
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن التبني الفعّال والمتسارع للذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف ما يصل إلى 150 مليار دولار لاقتصادات دول الخليج، أي ما يعادل نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا الرقم وحده يعكس حجم الفرصة التي قد تضيع إن استمرت حالة التردد الإداري.
ولكي تنجح الشركات الخليجية في تجاوز هذه المخاوف، تحتاج أولًا إلى رفع مستوى الوعي لدى صناع القرار حول الفوائد الحقيقية للتقنية، عبر تقديم قصص نجاح محلية ودولية تُثبت عوائدها على الاستثمار.
كما يجب الاستثمار في تطوير الكفاءات الوطنية القادرة على التعامل مع هذه الأدوات، من خلال برامج تعليمية وشراكات مع مؤسسات بحثية رائدة.
إلى جانب ذلك، من الضروري العمل على بناء أطر تنظيمية مرنة توازن بين تشجيع الابتكار وضمان الاستخدام الأخلاقي للتقنية وحماية خصوصية البيانات.
وبمجرد التغلب على هذه المخاوف، ستتمكن الشركات الخليجية من الانتقال من مرحلة الحذر إلى مرحلة الريادة، لتصبح شريكًا فاعلًا في الثورة الرقمية العالمية، وتساهم في بناء مستقبل اقتصادي أكثر تنوعًا واستدامة.