قصة قصيرة من الواقع

قصة قصيرة من الواقع

تعرف القصة القصيرة بأنها سرد لأحداث خيالية أو واقعية، وغالبًا ماتكون هذه القصة شعرًا أو نثرًا.

وتروى القصص القصيرة بهدف إثارة واهتمام القراء والسامعين، وتثقيفهم وإمتاعهم.

وفي هذه المقالة سنذكر مجموعة من القصص القصيرة، التي تحمل الكثير من العظة والعبرة والحكمة.

 

حذاء غاندي

كان غاندي يجري مسرعًا نحو القطار في إحدى المحطات حتى يلحق به، وبدأ القطار بالتحرك رويدًا رويدًا، ما دفع غاندي للركض مسرعًا إلى أن قارب على اللحاق به،

وقفز قفزة قوية تمكن بها من الصعود إلى مقطورة القطار الأخيرة.

ابتسم حينها غاندي ابتسامة فرحة لأن الرحلة لم تفته، إلا انه لم يدرك أن تلك القفزة كلفته سقوط فردة حذائه خلف القطار دون أن يدري.

فلم يفكر غاندي كثيرًا، وخلع فردة حذائه الأخرى وألقاها بسرعة بجوار الفردة الأولى، ما أثار تعجب أصدقاؤه من هذا التصرف، وسألوه عن سبب فعله هذا.

فقال الحكيم غاندي: لن أستطيع العودة لإحضار الفردة التي سقطت مني، كما أنني لن أستفيد من فردة الحذاء الأخرى إذا ما بقيت معي، فرميتها علّ فقير يجدهما فينتفع بهما معاً.

 

الصبي والمسامير

عرف صبيًا في قريةً ما بشدة غضبه وانعدام صبره، وقد أوقعتاه هاتين الصفتين في مشاكل كثيرة، حينها قرر والده أن يعلمه درسًا في التأني والتحكم في الغضب.

فأحضر له كيسًا مملوءًا بالمسامير ووضعه أمامه، وقال: يابني أريد منك كلما شعرت بالغضب من موقف ما أو من شخص أن تدق مسمارًا في سياج حديقتنا الخشبي.

لم يفهم الصبي طلب أبيه واستنكر منه كثيرًا، ولكنه وافق عليه مضطرًا، وبالفعل وعد أباه بالتنفيذ.

وفي اليوم الاول، دق الصبي 37 مسمارًا في السياج، ولاحظ بعد كل مرة يغضب فيها أن إدخال المسامير لم يكن أمرًا هينًا،

ما دفعه لأن يحاول تمالك نفسه عند الغضب في المرات القادمة تجنباً لعناء دق المسامير هذا.

مرت الأيام والصبي مستمر بما عاهد عليه والده، ولاحظ الأب وابنه بأن عدد المسامير التي يدقها الصبي في السياج يقل يومًا بعد يوم،

إلى أن جاء اليوم الذي لم يكن به الصبي مضطراً لدق أيّ مسمار في السياج، ما أثار دهشته وسروره في الوقت ذاته.

فقد تعلم الولد من هذه التجربة التحكم بغضبه وضبط نفسه التي كانت تستثار لأهون الأسباب، فخرج مبتهجاً ليخبر أباه بإنجازه.

فرح الأب بابنه لكنّه اقترب منه وقال: ولكن عليك الآن يا بني أن تحاول إخراج مسمار من السياج في كل يوم لا تغضب فيه،

استغرب الولد لكنه بدأ بتنفيذ مهمته الجديدة المتمثلة بخلع المسامير، وواظب على خلع مسمار في كل يوم تحافظ فيه على هدوئه، حتى انتهي من إزالة جميع المسامير الموجودة في السياج.

وعند انتهاء المهمة أخبر والده بذلك، ومرة أخرى عبّر له والده عن مدى سعادته وفخره بإنجازه، ثم أخذ بيده وانطلق به إلى سياج الحديقة،

وطلب منه أن يتحسس أماكن الثقوب التي تركتها المسامير في الجدار بيديه وقال له: يا بني انظر الآن إلى تلك الثقوب الموجودة في السياج،

أتظن أن هذه الثقوب ستزول مع الوقت؟ فأجاب الصبي: لا يا أبي فقد تركت أثراً عميقاً في الخشب،

فقال والده: وهذا ما تحدثه قسوة كلماتنا في قلوب الآخرين، فهي تترك في داخلهم أثراً لا يزول حتى مع الاعتذار، فاحرص يا بني دائماً على الانتباه لكل ما يبدر منك من قول أو فعل تجاههم.

 

كما تدين تدان

قرر رجل التخلص من أبيه العجوز المسن بوضعه في بيت لرعاية المسنين، بعد أن ضاق ذرعاً من كثرة استياء زوجته منه، وتذمّرها من تلبية حاجاته،

وحرجها من المواقف التي يسببها لها أمام صديقاتها بسبب ما يعانيه من نسيان، فأخذ الرجل يلملم حاجيات أبيه باكياً لما سيؤول إليه حاله،

ناسياً ما قدمه له هذا الأب له من حب وتضحية عندما كان في صحته وقوته، لكن إلحاح الزوجة في كل حين أجبره على ما سيقوم عليه.

تناول الرجل بعض الطعام والملابس ودسها في حقيبة، وحمل معه قطعة كبيرة من الإسفنج لينام عليها والده هناك، وأخذ بيد أبيه متوجهاً إلى بيت الرعاية،

إلّا أنّ إصرار ابنه الصغير عليه ليترك جزءاً من قطعة الفراش التي يحملها معه أثار عجبه، ودفعه للتوقف وسؤاله متذمراً:

وماذا تريد بهذا الجزء من الفراش أنت؟! فقال له الطفل ببراءة: أريد أن أبقيه لك حتى تجد ما تنام عليه عندما أصطحبك إلى دار الرعاية في كبرك يا أبي! وقف الرجل صَعِقاً لما سمعه من طفله الصغير،

وبكى بكاء ابتلت منه لحيته، واستذكر ما قام به أبوه لأجله في طفولته وما قدمه له، فرمى الحاجيات أرضاً وعانق أباه عناقاً طويلاً وتعهّد أمام الله ثم أمام ابنه برعايته بنفسه ما دام على قيد الحياة.

 

اقرأ أيضًا: هيئة الأدب والنشر تطلق برنامج التدريب الدولي