في مدينة تجاوزت فيها وتيرة التنمية السريعة البنية الأساسية، يضع مترو الرياض معيارًا جديدًا للنقل الحضري في المملكة.
ويبلغ إجمالي تكلفة المشروع 23 مليار دولار، وهو أحد أكبر أنظمة المترو التي تم بناؤها في مرحلة واحدة، ويضم ستة خطوط و176 كيلومترًا من المسارات و85 محطة.
الهندسة ضد الصعاب
ولقد فرضت المناظر الطبيعية الجيولوجية والحضرية المعقدة في الرياض تحديات فريدة أثناء البناء.
فأسفل سطح المدينة توجد طبقات كثيفة من الحجر الجيري والبريشيا، الأمر الذي تطلب استخدام آلات حفر الأنفاق الخاصة، أو آلات حفر الأنفاق، المصممة للتنقل في هذه الظروف الصعبة.
وقال روجر كرويكشانك – المدير الأول في شركة أتكينز رياليز – التي قادت تصميم الخطوط 4 و5 و6:
“الظروف الجيولوجية لم تتطلب التطور التقني فحسب، بل تطلبت أيضًا القدرة على التكيف في الوقت الفعلي لضمان السرعة والدقة”.
فقد تم وضع 11 محطة تحت الأرض و17 محطة على سطح الأرض في مواقع استراتيجية لتعزيز الاتصال عبر المدينة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج المسارات تحت الأرض وعلى سطح الأرض والمرتفعة يتطلب دراسة متأنية لشبكات الطرق الحالية في الرياض.
وقال كرويكشانك: “إن إعادة هيكلة شبكات الطرق وضمان الانتقال السلس بين وسائل النقل كانا جزءًا لا يتجزأ من تقليل الاضطرابات”.
الأتمتة في جوهرها
ومن أهم مميزات مترو الرياض هو التشغيل الآلي على المستوى الرابع، مما يلغي الحاجة إلى مشغلين على متن القطار.
وتدير مراكز التحكم المركزية العمليات من خلال خوارزميات متقدمة وبيانات في الوقت الفعلي، مما يضمن التشغيل السلس.
ويدعم هذا النظام أدوات مراقبة جيوتقنية، بما في ذلك أجهزة استشعار الألياف الضوئية وأنظمة جمع البيانات الآلية، التي تعمل على تقييم صحة البنية التحتية بشكل مستمر.
وأضاف كرويكشانك: “توفر هذه التقنيات رؤى في الوقت الفعلي، مما يسمح لنا بالتنبؤ باحتياجات الصيانة ومعالجتها قبل تفاقمها”.
فيما تم تجهيز القطارات نفسها بمميزات أمان متقدمة، مثل أنظمة الإنذار المبكر والتشخيص عن بعد، مما يعزز سلامة الركاب والموثوقية التشغيلية.
كما تعمل التحليلات التنبؤية على تحسين كفاءة النظام بشكل أكبر، مما يؤدي إلى إطالة عمر المكونات المهمة مع تقليل وقت التوقف عن العمل.
الوظيفة تلتقي بالتصميم
وتمثل محطات المترو توازناً بين الشكل والوظيفة، وفي حين تم تصميمها لتحسين تدفق الركاب والتواصل، فإنها تعكس أيضاً الهوية الثقافية لمدينة الرياض من خلال الزخارف المعمارية المستوحاة من التراث المحلي.
وقال كرويكشانك: “يدمج التصميم المواد المعاصرة مع التأثيرات التقليدية، مما يجعل البنية التحتية عملية ومكملة بصرية للمدينة”.
هذ، ويربط المترو بين المراكز الحضرية الرئيسية، مما يقلل من الاعتماد على السيارات في مدينة تشتهر بالازدحام المروري.
ويضمن التركيز على إمكانية الوصول أن يخدم النظام السكان المتزايدين في الرياض بشكل فعال.
الاستدامة
يتماشى مترو الرياض مع رؤية المملكة 2030 من خلال إعطاء الأولوية للاستدامة؛ ومن خلال تعزيز النقل العام، من المتوقع أن يخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.
ويتضمن النظام أيضًا تقنيات موفرة للطاقة، مثل الكبح المتجدد والإضاءة الآلية، لتقليل بصمته البيئية.
وأضاف كرويكشانك: “كانت استراتيجيات تخفيف الضوضاء والاهتزازات ضرورية لضمان عمل النظام بشكل متناغم داخل البيئة الحضرية”.
وتسلط هذه التدابير، إلى جانب دمج معايير البناء الأخضر، الضوء على التزام المشروع بالحفاظ على البيئة.
وقد أصبحت الدروس المستفادة من هذا المشروع مفيدة بالفعل للمبادرات المستقبلية في المملكة وخارجها.
ويشكل مترو الرياض دراسة حالة للمدن في مختلف أنحاء العالم التي تواجه تحديات التحضر والتنقل.
ومن خلال الجمع بين التميز الهندسي والابتكار التكنولوجي والحساسية الثقافية، نجحت السلطات في إنشاء شبكة نقل لا تلبي احتياجات اليوم فحسب، بل وتتوقع متطلبات الغد أيضًا.
اقرأ أيضًا: الآن على منصة رقم 1 رحلة أنيقة لركاب الرياض
المصدر: arabnews