شهد فن الغرافيتي في إفريقيا تحولًا جذريًا في نظر المجتمع والسلطات، إذ انتقل من كونه عملًا مرفوضًا يُصنف ضمن أعمال التخريب والتشويه البصري إلى شكل من أشكال الفن الحضري المعترف به والمحتفى به رسميًا في العديد من الدول الإفريقية.
ففي مدن مثل دكار، كيب تاون، نيروبي، ولاغوس، أصبحت الجداريات وسيلة قوية للتعبير عن الهوية والثقافة، وأداة لنقل رسائل اجتماعية وسياسية تعكس تطلعات الشباب وقضايا المجتمع. وتحولت الجدران التي كانت تُلاحق بسببها رسومات الفنانين إلى مساحات مفتوحة للإبداع، تدعمها البلديات والمؤسسات الثقافية والمنظمات الدولية.
ويؤكد الفنانون أن الغرافيتي في إفريقيا لم يعد مجرد زخرفة عابرة، بل أصبح لغة بصرية تُترجم نبض الشارع، وتروي قصصًا عن الحرية، والانتماء، والمقاومة، وحتى البيئة. ففي السنغال مثلًا، تُقام مهرجانات سنوية تحتفي بالفن الحضري، ويُدعى إليها فنانون من مختلف أنحاء العالم، ما جعل البلاد مركزًا فنيًا إقليميًا.
كما أطلقت بعض المدن الإفريقية مبادرات لدعم فناني الشوارع، مثل توفير منح فنية ومساحات قانونية للرسم، إلى جانب دمج الجداريات ضمن خطط السياحة الثقافية، مما جذب الزوار من داخل القارة وخارجها.
ويرى النقاد أن الغرافيتي في إفريقيا يعكس نهضة ثقافية جديدة تسعى إلى دمج الفن في الحياة اليومية، وتحويل المدن إلى لوحات مفتوحة تُعبر عن تنوع المجتمعات وثرائها البصري. ويُتوقع أن يستمر هذا الفن في التوسع مدعومًا باعتراف رسمي متزايد واهتمام عالمي بالفنون العامة.
