بعد مسيرة فنية حافلة استمرت لأكثر من خمسة عقود، رحل الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني عن عمر ناهز 69 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا إبداعيًا استثنائيًا جمع بين الموسيقى والمسرح والسياسة، وخلّد اسمه كأحد أبرز رموز الفن المعاصر في العالم العربي.
زياد، نجل الأسطورة فيروز والملحن الراحل عاصي الرحباني، لم يكن مجرد امتداد للعائلة الفنية العريقة، بل شكّل حالة فنية مستقلة ومتمردة، استطاع من خلالها أن يُحدث نقلة نوعية في الأغنية اللبنانية والعربية، عبر ألحانه الجريئة وكلماته الساخرة وأسلوبه المسرحي الذي كسر الحواجز التقليدية.

على مدار مسيرته، قدم الرحباني عشرات المسرحيات الغنائية التي كانت بمثابة مرآة سياسية واجتماعية لواقع العالم العربي، من أبرزها “بالنسبة لبكرا شو”، “فيلم أميركي طويل”، و”نزل السرور”. كما تعاون مع والدته السيدة فيروز في ألبومات خالدة مثل “ولا كيف” و”مش كاين هيك تكون”.
لم يكن زياد فنانًا فقط، بل مثقفًا ومفكرًا سياسيًا استخدم فنه كمنصة للتعبير عن مواقفه الوطنية واليسارية، فكان صوته صوت المهمشين، وهمّه همّ الناس، ورسائله كانت دائمًا مزيجًا من الألم والأمل والسخرية الراقية.
وقد شكّل خبر وفاته صدمة كبيرة في الأوساط الفنية والثقافية والإعلامية، حيث نعاه فنانون ومفكرون من مختلف أنحاء العالم العربي، مُشيدين بإبداعه الفريد وإرثه الذي سيبقى حاضرًا في الذاكرة والوجدان.
من المقرر أن تُقام مراسم التشييع في بيروت خلال الأيام القادمة، وسط حضور جماهيري وفني كبير يُودّع أحد أعمدة الفن الرحباني، الذي لم يكتفِ بأن يكون “ابن فيروز”، بل كان زياد الذي غنّى وصنع وألهم أجيالًا.