في عالم يتداخل فيه الحرفي بالبصري، يقف الفنان السعودي صاحب النظرة العميقة، أحمد حداد، ليعيد تعريف العلاقة بين الشكل والذاكرة، بين المصيره الشخصي والهوية الجماعية. من وسط جدة المدينة التاريخية، بلغ حداد، البالغ من العمر 30 عامًا، المعارض العالمية، مقدمًا أسلوبًا توفيقيًا يعتمد على أقلامه — الحبر الأزرق — كنقطة انطلاق لاستكشاف تفاصيل اللحم، الرموز، والحركات التي تحدد الهوية.
يسعى حداد من خلال أعماله إلى جعل غير المرئي مرئيًا، محاكيًا لمفارقات الوجود حين تُظهر العوالم المعتمة ما كان مخفيًا يومًا. يتحدث عن خطوطه قائلاً:
“القلم يسجل التردد والضعف والقوة والثقة دفعة واحدة… إنه علامة لا مسحَ لها، وبداخلي كُتب بها الصدق.”
وبإدماجه لمناهج متنوعة، مثل السيكولوجيا والهندسة المعمارية والمنظر الطبيعي، أسس لغة بصرية تمتد من الخطوط التشريحية إلى الرموز الهندسية والزخارف القرآنية، مرورًا بلمسات من ذاكرة الحجاز والرمزية السعودية الأصيلة.
من خلال معرضه في باريس “يا ابن عمي”، سعى إلى الحديث عن العزلة والمفرد باستخدام رموز الطقوس كالعقال، في مواجهة الحركات المجحفة في ثقافة الحضور. كما تتكامل أعماله مع الصوت لتشكل قصصًا بصرية تنظر إلى النقاب والمكانة، وتطرح التساؤلات: كيف تحدد القوالب الاجتماعية حضور الفرد؟
وعلى الصعيد المحلي، أطلق حداد Haddad Studio في “حي جكس” بالرياض، وطوّره ليصبح منصة إبداعية نشطة، حيث نظم أكثر من 120 ورشة عمل عبر 16 مدينة بهدف “بناء مجتمعات إبداعية مستدامة”. ويعمل حاليًا على ربط الاستوديو بشركاء في باريس، لنشر الإبداع عبر الحدود بطريقة منظمة وملتزمة.
إن الخط، بما يحمله من دلالة، والمشهد الحي للعرض، باتا لغة شبابية تحبك قصة الهوية، تنتقل من الورقة إلى الجسد، من الثابت إلى الحي، ومن الخصوص إلى العالمي. وفي حداد تجد روحًا تسرد الحكاية بعنفوان لم يمتد إليه أحد من قبل.