ي قلب الجنوب الغربي للمملكة، تكتب القهوة السعودية فصلًا جديدًا من تاريخها العريق من خلال المعرض الدولي للقهوة السعودية 2025، والذي أقيم في محافظة الداير خلال الفترة من 30 يناير إلى 7 فبراير.
لم يكن المعرض مجرد استعراض للنكهات الغنية والروائح العطرة، بل مثّل التزام المملكة الصريح بإبراز القهوة السعودية كعنصر مهم على الساحة العالمية.
تم افتتاح المعرض تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، بتنظيم من وزارة البيئة والمياه والزراعة، ومكتب تحقيق الرؤية الاستراتيجي للمنطقة.
وسلط الضوء على أهمية القهوة السعودية من مختلف الجوانب: كموروث ثقافي عريق، ومحرك اقتصادي ديناميكي، ورمز للضيافة السعودية الأصيلة.
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز، نائب أمير المنطقة ورئيس اللجنة الإشرافية للمكتب الاستراتيجي،
أن المعرض يعزز الجهود الوطنية لتطوير قطاع القهوة بوصفه منتجًا اقتصاديًا حيويًا، وموروثًا ثقافيًا أصيلًا، ورمزًا اجتماعيًا في عادات وتقاليد المجتمع السعودي.

جهود تعاونية وتمكين المزارعين
شارك في المعرض عدد من الجهات الحكومية، أبرزها هيئة تطوير جبال جازان، الشركة السعودية للقهوة، والتعاونية الزراعية للقهوة بجازان،
بالإضافة إلى مزارعين من مناطق جازان، عسير، الباحة، ونجران.
صرّح المهندس ظافر الفهاد، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير جبال جازان، بأن الهيئة سجلت ثلاث سلالات مميزة من القهوة السعودية ضمن الملكية الفكرية،
وهي: جازان الداير، جازان فيفا، وجازان الريث.
وتُعد الهيئة أول جهة سعودية تحقق هذا الإنجاز، وقد حصلت أيضًا على أول براءة نباتية في المملكة.
وتتعاون الهيئة بشكل وثيق مع الشركة السعودية للقهوة بموجب مذكرة تفاهم وُقعت عام 2023، تهدف إلى تبادل الخبرات وتنمية الإنتاج.
وتُعد الهيئة الجهة الحكومية الحصرية لتوفير شتلات القهوة، وتدعم المزارعين بالتنسيق مع وزارة البيئة والمياه والزراعة وأرامكو السعودية.
مركز القهوة السعودي ومبادرات التدريب
شهدت جازان افتتاح مركز القهوة السعودي لمعالجة الحبوب، بالتعاون مع أرامكو، والمجهز بأحدث خطوط الإنتاج ومعمل متطور لمراقبة الجودة،
بالإضافة إلى قاعة تدريب لتأهيل المزارعين على تقنيات الزراعة والمكافحة البيولوجية.
وتُنتج مشاتل الهيئة 300,000 شتلة سنويًا، ما يجعلها الأكبر في الشرق الأوسط،
وتسعى لتطوير الإنتاج باستخدام تقنيات زراعة الأنسجة النباتية بالتعاون مع جامعتَي جازان والملك سعود.
نمو هائل في الإنتاج وخطط استثمارية واعدة
شهد إنتاج القهوة في منطقة جازان تضاعفًا بين عامي 2021 و2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 10,000 طن سنويًا بحلول عام 2030،
مدفوعًا بخطط استثمارية أعلنتها الشركة السعودية للقهوة في مايو 2022، باستثمار يقارب 1.2 مليار ريال خلال عقد واحد.

تمكين المزارعين وتبادل الخبرات
نظمت التعاونية الزراعية للقهوة بجازان لقاءات بين مزارعين من عسير، الباحة، ونجران، بهدف تبادل الخبرات في الزراعة العضوية، ورعاية الأشجار، والحصاد، والمعالجة، والتجفيف.
وقال رئيس مجلس إدارة التعاونية سلمان المالكي: “هذه المبادرة تساهم في التنمية الزراعية المستدامة وتعزيز جودة القهوة السعودية”.
تُعد التعاونية الزراعية بجازان أول تعاونية في المملكة مخصصة لزراعة القهوة، وتعمل على تطوير ممارسات الزراعة، وتحسين الجودة، ورفع كفاءة التسويق،
وتوفير التدريب والدعم الفني للمزارعين، فضلًا عن مشاركة خبراتها مع تعاونيات ناشئة في عسير ونجران والباحة.

المناطق الرئيسية للإنتاج
تشكل مناطق الجنوب الجبلي موطنًا رئيسيًا لزراعة القهوة في المملكة، وخصوصًا جازان، عسير، والباحة.
جازان: حوالي مليون شجرة، بإنتاج 2400 طن سنويًا
عسير: 40,000 شجرة، بإنتاج 333 طنًا
الباحة: 22,000 شجرة، بإنتاج 108 أطنان
وذلك بحسب إحصاءات التعاونية الزراعية بجازان.
نحو ريادة عالمية
صرّح المهندس عبدالإله إدريس، الرئيس التنفيذي لمكتب تحقيق الرؤية لمنطقة جازان،
بأن المعرض يعكس جهود المملكة في تطوير سلسلة إنتاج القهوة وتحويل جازان إلى وجهة عالمية سياحية وصناعية في هذا المجال.
كما أشار المزارع المحلي حسين المالكي من جبال الداير، إلى سعيه المستمر مع زملائه لتحسين زراعة ومعالجة القهوة،
من خلال التجارب السنوية وبرامج التدريب الحكومية التي تستهدف الشباب والمزارعين.
في جبال العبدلي، برزت مزارع الخضيع بإنتاج قهوة خولانية بنكهات الفواكه، بقيادة توفيق العبدلي،
الذي اعتمد تقنيات تخمير حديثة وتعلم طرق المعالجة من كولومبيا، ما جعل منتجاته تُوزع على 42 محمصة داخل المملكة، وأصبح منتجه محل فخر وطني.

أنواع القهوة السعودية المميزة
الخولانية: المزروعة في 6 مناطق جبلية، وتُعد من أجود الأنواع عالميًا
الشدوي: من منطقة الباحة
العسيري: من منطقة عسير
النجاني: من منطقة نجران

نقلة نوعية على الصعيد الدولي
في عام 2024، انضمت المملكة رسميًا إلى المنظمة الدولية للقهوة (ICO) بتوقيع اتفاقية القهوة الدولية في مقر المنظمة بلندن،
لتصبح جزءًا من الكيان الحكومي الوحيد المعني بجمع الإحصاءات الرسمية وتنسيق السياسات بين الدول المنتجة والمستوردة للقهوة.
وفي بداية 2025، صدّرت التعاونية الزراعية بجازان أول شحنة من القهوة السعودية إلى بلجيكا وشرق أوروبا، ما شكّل نقلة نوعية في التعريف بالقهوة السعودية عالميًا.
ومن المتوقع توسع الصادرات لتشمل 10 إلى 15 دولة أوروبية وآسيوية خلال السنوات القادمة.
المستقبل مشرق للقهوة السعودية… من الجبال إلى العالمية.
كتبت: جاكلين جاكمان
اقرأ أيضًا: عبير العقل رئيسًا تنفيذيًا للهيئة الملكية لمحافظة العلا