العيون الزرقاء.. هل هي حقًا كذلك؟

العيون الزرقاء.. هل هي حقًا كذلك؟

تُعد العيون الزرقاء من أكثر السمات الجمالية التي تلفت الانتباه وتثير فضول العلماء على حد سواء. ورغم شيوع الاعتقاد بأن هذه العيون ناتجة عن وجود صبغة زرقاء في القزحية، فإن الحقيقة العلمية مختلفة تمامًا وأكثر تعقيدًا.

يؤكد خبراء طب العيون أن القزحية، سواء أكانت زرقاء أم خضراء أم عسلية، لا تحتوي في الواقع على أي صبغة زرقاء. اللون الأزرق الذي نراه ليس إلا انعكاسًا لظاهرة فيزيائية تُعرف باسم تشتت رايلي، وهي ذات الظاهرة التي تجعل السماء تبدو لنا زرقاء. فعندما يسقط الضوء على القزحية التي تفتقر إلى كميات كبيرة من الميلانين (الصبغة البنية)، يتشتت الضوء الأزرق قصير الموجة ليعطي العين هذا اللون اللافت.

ومن منظور وراثي، فإن العيون الزرقاء ليست سمة مستقلة مرتبطة بجين واحد، بل نتيجة تفاعل معقد بين عدة جينات تتحكم في كمية الميلانين وتوزيعه في القزحية. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن جميع أصحاب العيون الزرقاء يشتركون في طفرة جينية قديمة تعود إلى آلاف السنين، يُعتقد أنها ظهرت في منطقة البحر الأسود وانتشرت لاحقًا مع الهجرات البشرية.

اللافت أن لون العين يمكن أن يتغير مع مرور الوقت، خاصة في مرحلة الطفولة، إذ يولد بعض الأطفال بعيون زرقاء باهتة نتيجة قلة الميلانين، ثم يتغير لونها تدريجيًا إلى الأخضر أو البني مع تزايد إنتاج الصبغة.

وعلى الصعيد الطبي، لا يختلف أصحاب العيون الزرقاء عن غيرهم في وظائف الإبصار، لكن بعض الدراسات تشير إلى أنهم قد يكونون أكثر حساسية للضوء الساطع نظرًا لقلة طبقة الميلانين التي تعمل كمرشح طبيعي.

وهكذا، فإن العيون الزرقاء ليست زرقاء بالمعنى الحرفي، بل انعكاس لظواهر فيزيائية ووراثية تجعل منها إحدى أجمل أسرار الطبيعة وأكثرها إثارة للدهشة.