يُعتبر اللحم الأحمر جزءًا من النظام الغذائي التقليدي في كثير من المجتمعات، حيث يوفّر البروتين عالي الجودة، والحديد، وفيتامين B12، إضافة إلى عناصر غذائية أساسية لبناء العضلات وتجديد الدم.
ومع ذلك، فإن الإفراط في تناوله أصبح اليوم محور نقاش طبي واسع، بعدما أظهرت دراسات متزايدة أنه قد يشكل خطرًا مباشرًا على القلب، خصوصًا على الشريان التاجي الذي يمد عضلة القلب بالدم.
تشير الأبحاث إلى أن الاستهلاك العالي للحوم الحمراء يرتبط بارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، وهو أحد أبرز العوامل المسببة لتصلب الشرايين.
ومع تراكم الدهون تدريجيًا في جدران الأوعية الدموية، تفقد الشرايين مرونتها الطبيعية، ما يزيد من احتمالية انسدادها وحدوث أزمات قلبية أو سكتات دماغية.
إضافة إلى ذلك، فإن اللحوم المصنعة مثل النقانق والبرغر والسجق تعد أكثر خطورة من اللحوم الطازجة، نظرًا لاحتوائها على نسب مرتفعة من الدهون المشبعة والأملاح والمواد الحافظة، وهي عناصر تزيد من الالتهابات المزمنة في الأوعية وتسرّع من عملية التدهور القلبي.
لكن هذا لا يعني بالضرورة الامتناع الكلي عن اللحوم الحمراء، بل تكمن الحكمة في الاعتدال.
فالجسم يحتاج إلى البروتينات والمعادن التي تحتويها، ولكن ضمن حصص محدودة أسبوعيًا، مع تعويضها بمصادر بروتين أخرى مثل الأسماك الغنية بالأوميغا 3، والدواجن، والبقوليات، والعدس، والفول.
كما توصي الجهات الصحية العالمية بتبني أنماط غذائية متوازنة، مثل حمية البحر المتوسط، التي تعتمد على الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة وزيت الزيتون كمصادر أساسية للطاقة، وتقلل من الاعتماد على اللحوم الحمراء. هذه الأنماط أثبتت فعاليتها في تقليل مخاطر أمراض القلب وتعزيز الصحة العامة.
ولم يقتصر الأمر على الغذاء فقط، بل إن أسلوب الحياة يلعب دورًا محوريًا.
فممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي السريع أو السباحة أو ركوب الدراجات، تساعد على تحسين الدورة الدموية، وخفض مستويات الدهون في الدم، والحفاظ على وزن صحي.
كما أن الإقلاع عن التدخين والحد من استهلاك السكريات والملح عوامل أساسية في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
باختصار، اللحوم الحمراء ليست عدوًا للصحة، لكنها قد تتحول إلى خطر صامت عند الإفراط في تناولها.
والمفتاح يكمن في التوازن الغذائي والاعتدال، بما يحمي القلب والشرايين ويمنح الجسم الفوائد دون دفع ثمن صحي باهظ.