في ظل التحول السريع والكبير في الرؤى الاقتصادية والتنموية للعديد من دول المنطقة، والحاجة لخلق العديد من الفرص الاستثمارية،
تشهد خدمات استشارات الأعمال إقبالاً متزايداً من قبل القطاعات العامة، فحسب تقرير لشركة “Source Global Research” فقد انتعش سوق الاستشارات في دول مجلس التعاون الخليجي مسجلاً معدل نمو إجمالي بنسبة 17.7% في عام 2021،
وهذا في أسرع معدل نمو له منذ عام 2015.
وحيث أنه يترتب على القطاعات تخصيص جزء من ميزانياتها السنوية للحصول على مثل هذه الخدمات،
فقد يتساءل البعض عن مدى ضرورة الاستعانة بالخدمات الاستشارية للقيام بتطوير وتنفيذ الأعمال، وقد يراها البعض شكل من أشكال الإهدار المالي!
وللإجابة على هذه التساؤلات، يجب الإشارة إلى إمكانية قيام الشركات الاستشارية بدور مهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذا ما تم استخدامها بشكل فعال كعامل مساعد وليس بديلاً للكوادر الموجودة،
فعلى الرغم من وجود العديد من الكفاءات في القطاعات العامة إلا أن الشركات الاستشارية تعتبر مصدر هام للمعرفة والخبرة في مجال الابتكار وتطوير المهارات، الإدارة والتخطيط الاستراتيجي،
كما ويمكنها توفير دعم لتنفيذ وإدارة المشاريع والمبادرات بكفاءة، وتحسين العمليات وجودة الخدمات المقدمة، وتوفير خبرات متخصصة في مجال التحول الرقمي،
وتعزيز التعاون الدولي وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
دور الشركات الاستشارية في تنمية الوضع الاقتصادي للدول
ولتقريب الصورة أكثر، نشير إلى العديد من الدول التي ساهمت الشركات الاستشارية في تطورها وتنمية وضعها الاقتصادي،
ومن أمثلتها:
- سنغافورة: حيث تعتبر واحدة من الدول التي استخدمت الشركات الاستشارية بشكل واسع لتحسين قدرتها التنافسية وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وقد قامت الحكومة السنغافورية بتوظيف الشركات الاستشارية لتحليل البيانات وتطوير الخطط الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
2. دول الخليج العربي: ونذكر منها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر،
حيث استخدمت هذه الدول الشركات الاستشارية لتحسين الإدارة والتخطيط الاستراتيجي، وتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الحكومية.
كما دعمت الحكومات في تحسين قطاع السياحة وتطوير استراتيجية الاستثمار في الطاقة المتجددة.
3. المملكة المتحدة: تعتبر المملكة المتحدة واحدة من الدول التي استخدمت الشركات الاستشارية لتطوير الصناعات الجديدة والتكنولوجيا،
وتحسين المناخ الاستثماري. وقد قامت الحكومة البريطانية بتوظيف الشركات الاستشارية لتطوير استراتيجية العلوم والتكنولوجيا وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى.
لذلك يمكننا القول بأن الشركات الاستشارية تلعب دوراً محورياً في تنمية القطاعات العامة ومساعدة الحكومات في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية،
وتحسين بيئة الأعمال وجعلها أكثر جاذبية للاستثمار، وتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة من خلال تقديم المشورة والتوجيه المناسب،
ويتعاظم أثرها كلما كانت الجهات المستفيدة أكثر وعياً باحتياجاتها من الخدمات الاستشارية وأعلى التزاماً بتنفيذ خطط أعمالها ومخرجاتها.