استضاف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) جلسة أدبية استثنائية شارك فيها الكاتب والمسرحي النرويجي جون فوسه، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب لعام 2023، حيث قدّم رؤية عميقة حول ماهية الكتابة ودور الإبداع في تشكيل تجربة الإنسان. وجاءت الجلسة ضمن سلسلة فعاليات برنامج “أقرأ” في دورته العاشرة، وسط حضور كبير من المهتمين بالأدب والفكر.
وخلال اللقاء، تحدّث فوسه عن رحلته الطويلة في عالم الكتابة، والتي أثمرت أكثر من سبعين عملًا أدبيًا تنوّعت بين الرواية والمسرح والشعر والمقال، إضافة إلى مؤلفات للأطفال، وتُرجمت إلى لغات متعددة حول العالم. وأشار إلى أن أسلوبه القائم على البساطة والتأمل ينبع من رغبة في الكشف عن المعاني العميقة خلف المشاعر الإنسانية، مؤكدًا أن الكتابة بالنسبة له ليست زخرفة لغوية، بل استحضار للحظة صدق داخل الذات.
وتناول فوسه تساؤلًا محوريًا حول الكتابة الأصيلة، موضحًا أن الكاتب الحقيقي يقدم للعالم شيئًا لم يكن موجودًا من قبل — فكرة جديدة، إحساسًا مختلفًا، أو طريقة خاصة في رؤية الحياة. وأضاف أن الإبداع يبدأ في المساحات الهادئة التي تتيح للكاتب الإنصات لصوته الداخلي، قبل أن يتحول هذا الصوت إلى نص حي يتفاعل معه القارئ.
وفي جانب آخر، تحدّث فوسه عن الذكاء الاصطناعي ودوره في إنتاج النصوص، معتبرًا أن التقنية قادرة على تقليد الأسلوب لكنها عاجزة عن التقاط روح العمل الإبداعي، تلك الروح التي تنبع من التجربة البشرية وما تختزنه من مشاعر وتعقيدات. وذكر أنه جرّب مطالبة أحد البرامج بكتابة نص بأسلوبه، فجاءت النتيجة — بحسب تعبيره — “نصًا بلا إحساس”، رغم دقته اللغوية.
واختتمت الأمسية بجلسة توقيع للكتب، وسط تفاعل كبير من الجمهور الذي وجد في هذا اللقاء فرصة نادرة للتعرّف عن قرب إلى أحد أبرز الأصوات الأدبية في العالم، والاستماع مباشرة إلى أفكاره حول الإبداع ودور الأدب في فهم الذات والآخر.
