يشهد العالم تحولًا متسارعًا في الأنظمة القضائية مع تزايد اعتماد الدول على تقنيات الذكاء الاصطناعي وممارسات العدالة الوقائية، وذلك وفق ما أكده عدد من الخبراء خلال نقاشات متخصصة جمعت قادة قطاع العدالة وصناع السياسات. ويأتي هذا التحول في إطار توجه عالمي يسعى إلى بناء منظومات قضائية أكثر كفاءة، استباقية، وقدرة على الحد من النزاعات قبل نشوئها.
وأوضح الخبراء أن إدماج الذكاء الاصطناعي في العمل القضائي لم يعد يقتصر على تسريع الإجراءات أو تحسين إدارة الملفات، بل أصبح عنصرًا جوهريًا في تحليل البيانات القانونية، التنبؤ بالأنماط، وتقديم رؤى تساعد على اتخاذ قرارات مبنية على أدلة. كما أصبح بإمكان هذه التقنيات دعم القضاة والجهات العدلية في تحديد المخاطر المحتملة وتطوير سياسات تسهم في منع الجرائم والخلافات من وقوعها.
وأشار المختصون إلى أن “العدالة الوقائية” أصبحت مفهومًا راسخًا في العديد من الأنظمة المتقدمة، حيث تعتمد على معالجة جذور المشكلات عبر تعزيز الشفافية، توفير المعلومات القانونية للمجتمع، ودعم الحلول البديلة للنزاعات. ويرى الخبراء أن هذا النهج، إذا ما دُمج مع الذكاء الاصطناعي، قادر على خلق بيئة عدلية أكثر عدالة واستدامة.
كما تمت الإشارة إلى أن التحول الرقمي في القضاء يعتمد على مجموعة من التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، التحليلات المتقدمة، وإنترنت الأشياء، إلى جانب منصات رقمية تسهّل الوصول إلى الخدمات العدلية. وأكد المشاركون أن هذا التطور يعكس انتقالًا عالميًا نحو بناء أنظمة قادرة على التنبؤ بالتحديات، وتحسين جودة الأحكام، وتقليل الضغط على المحاكم.
ويرى الخبراء أن هذه التطورات ستعيد تشكيل مستقبل العدالة ليس فقط على مستوى الإجراءات، بل على مستوى فلسفة القضاء نفسها، من نظام يعتمد على رد الفعل إلى منظومة تقوم على الاستباق والوقاية، بما يحقق حماية أكبر للمجتمعات ويعزز الثقة في المؤسسات العدلية.
